دكالة 24:
قضى رب الأقدار سبحانه وتعالى بأن يكون هناك في المجتمع وبسبب بعض الظروف أطفال فقدوا آباءهم أو أمهاتهم أو الإثنين معاً وهم الأيتام وفي حكمهم الضعفاء والمساكين وهؤلاء ينبغي العناية بهم ورعايتهم حتى لا يتحولوا عالة على الناس وضرراً على الأمة أو تنشأ عقدة في نفوسهم.. كما ينبغي أن يشعروا أنهم مثل غيرهم من الأفراد لا ينقصهم شيء ولا يحط من قدرهم وضعهم الذي يعيشونه من فقر أو يتم أو ضعف..
وهذه نظرة رحيمة صحيحة تعبر عن سمو المشاعر والأحاسيس وترابط المجتمع مع بعضه البعض.
يقول الله تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [الكهف:28].
والآية المذكورة تبين هذا الأمر وتحث عليه وقد ذكر هذا المعنى في أكثر من موضع من كتاب الله تعالى ومنه: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر:88]. وأمر الله تعالى نبيه هو أمر لأمته.
وقول الله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) [الضحى:9-10]. ونهي الله تعالى لنبيه هو نهي لأمته.
والمعنى: يجب تثبيت النفس وتصبيرها بالتعايش مع الفقراء والمساكين والضعاف من المؤمنين الذين يدعون ربهم بإخلاص وصدق صباح مساء ويعبدونه في جميع الأوقات يريدون بعملهم وجه الله تعالى.. فإياك يا أيها النبي أن تجاوزهم ناظراً إلى غيرهم ويجب التواضع معهم في الكلام ومؤانستهم.
وحقّ الأيتام والمستضعفين على الأغنياء والأكابر الرعاية والعناية والرفق و النظر في أحوالهم وشؤونهم وهذا مصداق قول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [يونس:49] أي: إخوة متحابين متعاونين يسد الغني حاجة الفقير ويساعد ويحمي القوي الضعيف..
هذه التوجيهات السامية دلالة قاطعة على أن الإسلام دين المساواة في تقويم الناس وأنه لا فرق بين القوي والضعيف وأن الفقير والغني والعزيز والذليل والزعيم والأتباع سواء في الحقوق والواجبات فلا فضل لأحد على آخر في المال أو الجاه أو النسب أو الحسب بل إن ميزان التفاضل بين الناس هو تقوى الله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات:13].
المصدر : https://www.doukkala24.com/?p=493