لم يكن من السهل الكتابة عن المحطة الطرقية بسيدي بنور ، نظرا لما صادفناه من عراقيل والتهرب بأساليب مكشوفة ومفضوحة في مدنا بالمعلومات الكافية والضرورية التي نحتاجها في هذا الموضوع ، لقد كان من الضروري الاتصال بالسيد رئيس المجلس البلدي أولا للحصول على بعض المعطيات حول المحطة الطرقية ، وثانيا أخد تصريحاته حول الأوضاع التي تعرفها ، لذلك توجهنا إلى مكتبه في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا حيث انتظرنا أمام باب مكتبه مايزيد عن النصف ساعة! ؟ وحين دخلنا مكتبه طلب منا المعلومات التي نحن في حاجة إليها فضرب لنا موعدا في اليوم الموالي. لم يكن هذا التصرف يزعجنا في سبيل الحصول على معطيات دقيقة وواقعية ، غير أن المزعج هو ماحصل بعد ذلك حيث بدأت أسطوانة التسويف والمراوغة تشتغل ، سبعة أيام بالتمام والكمال لم نحصل فيها على شيء ليتأكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أن السيد رئيس المجلس البلدي و أتباعه ممن لا يقفون إلا بأمره ولا يجلسون إلا به كانوا يعملون جادين في حرماننا من حق الوصول إلى الخبر و تزويدنا بالمعطيات المتعلقة بالمحطة الطرقية وقطاع النقل بصفة عامة خصوصا وأن هذا يهم الشأن العام ومن حقنا كما هو من حق المواطن معرفة كل ما يهمه في هذا الصدد . بعد سبعة أيام من الانتظار و عملية ” سير واجي ” قررنا تجاوز هذه الوضعية والبحث في جهات أخرى عما نحن في حاجة إليه في الوقت الذي عقدت فيه الجمعية المحلية للصحافة اجتماعا استنكرت فيه الأسلوب الذي نهجه السيد رئيس المجلس البلدي والذي يتنافى و المسار الديمقراطي في مفهومه الحقيقي ومبدأ الشفافية والوضوح ، حيث تقرر إصدار بيان في الشأن لاحقا .
تقع المحطة الطرقية لسيدي بنور بالقرب من السوق الأسبوعي على الجهة اليسرى من الطريق الرئيسية الرابطة بين الجديدة ومراكش في اتجاه هذه الأخيرة ، أنشئت سنة1994 م حيث تم الشروع في استعمالها رسميا بتاريخ 8يونيو 1994 الموافق ل 28 ذي الحجة 1414 بعدما تم الإعلان عن الشروع في استعمالها رسميا بالجريدة الرسمية عدد 4258 ، وهي اليوم تستقبل أزيد من 50 حافلة ، تمكن المواطنين من التوجه إلى المدن التالية : الجديدة – مراكش – اليوسفية – أسفي – الرباط البيضاء – القنيطرة – سلا – سطات – خريبكة – أكادير … ومناطق أخرى كاثنين بوشان – ابن جرير – أربعاء أولاد عمران – العونات – بني هلال – أولاد فرج … وغيرها من مناطق المملكة مما يجعلها تحتل مكانة مهمة بين المحطات الحديثة بالمغرب، تقدر مساحتها الإجمالية بحوالي900 متر مربع تضم العديد من المرافق والمحلات التجارية التي تضخ في ميزانية البلدية أموالا هامة إلى جانب تلك المحصلة من مرافق أخرى و بإنشاء المحطة الطرقية ، تكون مدينة سيدي بنور قد عرفت تغييرا وبشكل كبير فيما يخص قطاع النقل بعدما كان منحصرا في مكان خال بالقرب من مصلحة الوقاية المدنية ، حيث كانت تتجمع الحافلات والطاكسيات والشاحنات و العربات المجرورة … هناك ، ومع مرور الأيام وزعت الطاكسيات الكبيرة ( البالغ عددها 137 طاكسي كبير ) على أربعة محطات بطريقة عشوائية لا تراعي جمالية المدينة محطات ضيقة تعيق حركة السير وتتسبب في حوادث السير ناهيك عن الإزعاج الذي تسببه للساكنة ، لقد كانت العشوائية ولازالت هي السمة الكبرى في تدبير شؤون هذا القطاع الحيوي ، المحطة الأولى توجد بالقرب من المسجد الكبير تضم الطاكسيات المتوجهة إلى البيضاء – الجديدة – زاوية سيدي إسماعيل وبني هلال … المحطة الثانية بالقرب من تجزئة كمال تكون وجهتها إلى أربعاء وأحد العونات – خميس القصيبة … والثالثة توجد بالقرب من محطة طوطال للبنزين تقل المسافرين إلى خميس الزمامرة واثنين الغربية … أما الرابعة فهي بالقرب من المحطة الطرقية تكون وجهتها إلى مدينة مراكش وابن جرير … المحطات الأربعة تقريبا والتي توجد وسط أحياء سكنية تجعل مدينة سيدي بنور منفتحة ومتصلة بجميع الخطوط الوطنية غير أن توزيعها بهذه الطريقة ، يجعلها نقطا مشوهة للمدينة في إشارة قوية إلى سوء التدبير وعدم الارتكاز على دراسة تقنية واستحضار المنظور المستقبلي لجمالية المدينة ، كما أنه يخلق العديد من المشاكل خصوصا في صفوف المسافرين ، فتوزيع الطاكسيات على أربعة أماكن تتصف بالضيق وانعدام النظام والتنظيم وأبسط المواصفات لموقف سيارات الأجرة ، متباعدة فيما بينها تجعلك مضطرا لركوب طاكسي صغير قصد الوصول إليها ، فزائر المدينة لا يمكنه معرفة المحطة التي يجب أن يتجه إليها ولا حتى أين تقع ؟
المحطة الطرقية ، وبالرغم من فضائها الذي قد يستوعب عددا مهما من الحافلات ، فالفوضى تطغى على كل تدابيرها ، ويتجسد ذّلك جليا في عدم احترام باب دخول وباب خروج الحافلات حيث غالبا ما يستعمل باب واحد للعمليتين معا زد على ذّلك عدم احترام الوقت المخصص لكل حافلة وما تعرفه الحالة الميكانيكية لبعض منها حيث تنعدم فيها شروط السلامة الضرورية ، حافلات منها من تآكل سقفها ، وعوضت نوافذها المكسرة بقطعة من الخشب أو الكارطون ، ومنها من تأكل هيكلها لدرجة أصبح الركاب يشاهدون من خلال الثقوب التي غزتها إسفلت الطريق ؟ … أما من حيث المضاربات والمضايقات التي يتعرض لها المسافرون فحدث ولا حرج ، أسعار ملتهبة لا تخضع لأي قانون وكأن الأمر طاله نوع من التسيب و ” السيبة ” والمزاجية في غياب تام للمصالح والجهات المسؤولة الموكول لها مراقبة الأسعار وحماية المواطنين من مثل هذا الابتزاز المكشوف في واضحة النهار ، وادا تحدثنا عن الحافلات وما يمارسه أولئك الأشخاص المعروفين ب ” الكورتية ” و ” الكريسونات ” على المواطنين فدلك ينطبق تماما على أصحاب الطاكسيات الكبيرة الدين لا يراعون القوانين والسلامة الطرقية ولا يستحضرون الاحترام اللازم للركاب الدين قد يسمعون كلاما ساقطا رغم أنفهم والى موسيقى كلماتها كلها ” عيب ” ومخجلة ، السرعة شعارهم أينما حلوا وارتحلوا والربح السريع همهم في كل رحلة ضاربين عرض الحائط كل الحقوق المخولة للركاب في الدفاع عنها ، فكم من أرواح بريئة زهقت بسبب تهور سائقي الطاكسيات وكم من عائلة سمعت من السب والشتم ما لم يكن في حسبانها وكم من راكب وجد نفسه في الطريق بسبب عطب أو غيره لحق بالطاكسي ، بهذا الخصوص حكى الأستاذ عبد العزيز بنعبو للجريدة المعاناة التي تسبب له فيها سائق طاكسي كبير ” ذات يوم ، كنت أنوي فيه التوجه إلى مدينة الجديدة ، فأخذت طاكسي كبير ، وبعد قطع ما يقارب 20 كيلومترا ، أوقف السائق الطاكسي جانبا ثم خرج منها دون أن يحدث أي أحد من الركاب ، فتح الصندوق الخلفي وأخذ منه قنينة بلاستيكية ، بعدها امتطى حافلة بعدما أشار لها . غادر السائق وبقينا ننظر بعضنا البعض لا ندري مالذي حدث ، وبعد مرور فترة من الزمن اضطررت أن أمتطي حافلة كانت متجهة نحو سيدي بنور . ”
توجد بالمحطة الطرقية عدة مرافق ومحلات تجارية دأب المجلس البلدي على كرائها للخواص يكون مدخولها الإجمالي الشهري حسب مصادرنا هو00 ,58150 درهم مفصلة حسب السومة الكرائية الشهرية كالتالي : 1 – الشبابيك : 23000 درهم – 2 – الرصيف : 25600 درهم – 3 المراحيض 1700 درهم – 4 – محلبة 1400 درهم – 5 – دكان الجزارة 850 درهم – 6 – دكان البقالة 850 درهم -7 – مخدع للهاتف 1650 درهم . تؤدي الحافلة الواحدة مبلغ 12,50 درهم كواجب لاستعمال الرصيف و 12,50 درهم لاستعمال الشبابيك ومما تجدر الإشارة إليه هو السمسرة التي تمت لأول مرة لأجل تفويت المحطة الطرقية وذلك يوم 3 يناير2007 م .
يتضح من خلال المدخول الشهري أهمية المحطة الطرقية لسيدي بنور ، غير أن هذه الأهمية تواجه بالإهمال واللامبالاة وسوء التسيير والتدبير … أمور جعلت العناية بها منعدمة في وقت تتعرض فيه إلى التشويه والإتلاف وتراكم الأزبال بكل مكان ، المقاعد المخصصة للمسافرين أثناء انتظار الحافلات أصبح لونها أسودا بسبب الأوساخ والنفايات التي اجتاحتها ، روائح الغائط وغيره تملأ فضاءاتها ، يقول أحد المواطنين الذي صادفناه بالمحطة ” هذه ليست محطة للحافلات بل هي محطة للمتسكعين والمختلين عقليا ، الدين وجدوها مكانا لتناول المخدرات وشرب الخمر والتبول والتغيط فيها وإفسادها … ليلا وفي النهار لممارسة التسول ومضايقة المسافرين ، فكما تلاحظون فالمحطة تنعدم فيها الإنارة العمومية ولا تخضع للحراسة ، واش هذه محطة ؟ … ” بالفعل فالمحطة الطرقية تنعدم بها الإنارة العمومية فهي مضاءة نهارا ومظلمة ليلا ، سألنا إن كان هناك حارس أو ما شابه ذلك يقوم بعملية الحراسة فكان الرد بالنفي ، ولمعرفة مختلف الآراء التقت جريدة الاتحاد الاشتراكي بالعديد من المواطنين واستفسر تهم حول المحطة الطرقية والنقل بالمدينة بصفة عامة ، فكانت تصريحاتهم متباينة في هذا الجانب غير أنها كانت تحمل استياءهم سواء من حيث النظافة أو حول الموقع الذي توجد فيه المحطة أو على مستوى الفوضى التي تعرفها خصوصا أيام العطل والمناسبات … حيث يصل ثمن التذاكر إلى مبلغ خيالي ولا من تدخل لحماية المسافرين ! وهكذا صرح الأستاذ عبد الهادي علوي للجريدة بالقول : ” الناس الذين اختاروا موقع المحطة لم يكن اختيارهم صائبا ، فكونها بجانب السوق الأسبوعي فهذا بحد ذاته يخلق العديد من المشاكل سواء على مستوى السير أو على مستوى النظافة ، فهي تعرضت (أي المحطة ) وتتعرض للإهمال من طرف المسؤولين لدرجة يتخيل لك أنك وسط مكان لا يمت للمحطة الطرقية بمفهومها العام بصلة ، خلاصة القول فهي لا تخضع لمقاييس المحطة الطرقية ولا تحمل مواصفاتها إطلاقا ، وإلا فلماذا لا توجد بها إدارة كباقي المحطات ؟ ولا تخضع للمراقبة، فمن يحمي حقوق المسافرين في هذه الحالة ؟ ناهيك عن الخروقات التي ترتكبها الحافلات يوميا ” بينما قالت سيدة عن النقل بالمدينة ” يبدو أن الجهود لتحسين قطاع نقل المسافرين قد توقفت ، فإن هذا الأخير أصبح يعاني من ممارسات المضاربين التي تقف حجر عثرة أمام تطويره، فكلما بلغ الصيف ذروته وارتفعت أعداد المسافرين إلا واستغل هؤلاء الظرفية من أجل مضاعفة الأسعار وتحقيق الأرباح السريعة على حساب الحاجة الملحة للمواطنين ”
هذه التصريحات وغيرها جعلتنا نطرح عدة أسئلة حول غياب الإدارة والمراقبة والتنظيم والحرص على سلامة المواطنين ومسألة تفويت المحطة وباقي المحلات التجارية المتواجدة بها… ؟ كل ذلك يدل لا محالة على أن في الأمر خبر تتقاسمه عدة جهات موكول لها مراقبة ومتابعة ما يجري ويدور في المحطة الطرقية بما فيها السيد رئيس المجلس البلدي الذي يتحمل القسط الأوفر من المسؤولية باعتماد الميثاق الجماعي من خلال ماجاء به في الفصل الثاني منه حول اختصاصات رئيس المجلس الجماعي المادة 50 منه : ” … يمارس رئيس المجلس الجماعي اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية وبواسطة تدابير شرطة فردية هي الإذن أو الأمر أو المنع. ويقوم لاسيما بالصلاحيات التالية: … يتخذ جميع التدابير الرامية إلى ضمان سلامة المرور في الطرق العمومية وتنظيفها وإنارتها, ورفع معرقلات السير عنها, وإتلاف أو إصلاح البنايات الآيلة للسقوط أو الخراب ومنع الناس من أن يعرضوا في النوافذ أو في الأقسام الأخرى من الصروح أو من أن يلقوا في الطرق العمومية أيا كان من الأشياء التي من شأن سقوطها أو رميها أن يشكل خطرا على المارة أو يسبب رائحة مضرة بالصحة, يساهم في مراقبة جودة المواد الغذائية والمشروبات والتوابل المعرضة للبيع أو للاستهلاك العمومي, يسهر على نظافة مجاري المياه والماء الصالح للشرب ويضمن حماية ومراقبة نقط الماء المخصصة للاستهلاك العمومي ومياه السباحة, …. ينظم ويراقب المحطات الطرقية ومحطات وقوف حافلات المسافرين وحافلات النقل العمومي وسيارات الأجرة عربات نقل البضائع وكذا جميع محطات وقوف العربات…, “.
في الوقت الذي نبحث في خبايا هذا الموضوع من أجل الوقوف على الاختلالات ، وما تعرفه وضعية الطرقات التي أصبحت تتسم بالخطورة وما تشكله العربات المجرورة من عرقلة في تطوير القطاع ، توصل السيد رئيس المجلس البلدي بمراسلة من طرف الجامعة الوطنية للنقل الطرقي للمسافرين بالمغرب ( تتوفر الجريدة بنسخة منها ) في موضوع المحطة الطرقية والمسجلة تحت رقم 42 / 2007 بتاريخ 17 أبريل 2007 مفادها توصلها بعدة شكايات من طرف الناقلين الذين يستعملون المحطة الطرقية لسيدي بنور كنقطة انطلاق أو نقطة عبور ، يشتكون فيها من الطريقة المعتمدة من طرف مستغل هذه المحطة … وقد وجهت نسخة من المراسلة إلى كل من السيد عامل الإقليم وباشا مدينة سيدي بنور والسيد رئيس الأمن الإقليمي بالجديدة قصد الإخبار… وأمام هذه المظاهر السلبية والتجاوزات، يبقى الزبون الراكب هو الأول والأخير من يؤدي فاتورة ذلك من جيبه وعلى حساب أعصابه، في الوقت الذي كان من المفروض أن تتدخل الجهات المسؤولة، لوضع حد لمثل هذه المظاهر التي تعرفها المحطة الطرقية وذلك بالحرص على تطبيق القانون
إن ما تعرفه بعض الصفقات التي غالبا ما تمر ” حسي مسي ” والتي تستخدم فيها المحسوبية والزبونية ويسود فيها منطق تحقيق المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة هي سياسة لا تخدم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في شيء ، فمدينة سيدي بنور في حاجة ماسة إلى من يستغل خيراتها المتعددة والمتنوعة بما يعود على أبنائها وساكنتها بالنفع العميم ، خيرات من شأنها أن تمتص عدد العاطلين بتوفير فرص للشغل وتدفع بالمدينة لكي تحتل المراتب المتقدمة في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والصناعية والتجارية والفلاحية … بما يحقق التنمية المستدامة ، فمتى تصحا الضمائر لخدمة هذه المدينة الفتية التي تنتظر بفارغ من الصبر أن تتحول إلى إقليم ؟.
المصدر : https://www.doukkala24.com/?p=227