دكالة 24:
استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.
خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى وأعلام المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.
—- إعداد: أحمد مسيلي —— الحلقة 29
سيدي بنور – عبد الله بن وكريس الدكالي –
إن الحديث عن هذا الفقيه الصوفي الكبير الشأن المعدود من أهل الزهد والورع عاش في النصف الأول من القرن السادس الهجري الموافق للقرن الثاني عشر الميلادي فانه يكون قد صادف عصر علي بن يوسف المرابطي الذي كان يميل هو نفسه إلى التقشف والزهد والتصوف ، فازدهرت في عهده هذه الحركات . في إطار هذا الجو الديني المطبوع بصبغة الزهد والتصوف الذي رافق المرابطين أيام سلطانهم علي بن يوسف بن تاشفين عاش الفقيه الصوفي سيدي بنور ..
سيدي بنور هو الشيخ أبو اينور عبد الله بن وكريس الدكالي المشترائي ، دفين مدينة سيدي بنور ، صاحب الضريح المشهور الواقع على يمين الطريق في اتجاه الجديدة ، أبو اينور فقيه يسمى عبد الله بن وكريس الدكالي ينتسب إلى مدينة مشنزاية كان يعيش في قرية ” أبو سكاون ” في القرن الحادي عشر الميلادي في عصر المرابطين عاصر كلا من : الشيخ أبو يعقوب التسولي بن وايوكاظ المحاسني الدكالي وأبو ولحيوط وغانم بن ابوط الدكالي المشترائي و أبو حفص عمر بن مليكسوط الدغوغي الدكالي و تنفيت اليرضيخي الدكالي و أبو المنصور بن إبراهيم المصطاصي من أشياخ أبي شعيب أيوب السارية و أبو ورجيج بن يفراكسن بن يسولان الدكالي و أبو حفص عمر بن مغار الصنهاجي الدكالي صاحب مولاي عبد الله أمغار و أبي شعيب السارية و أبو عيسى وارجيج بن ولوون الصنهاجي الدكالي .
وقد تميزت صوفية المغرب في هذا العهد من اخذ عن شيوخ مشارقة ، ولاشك أن الرحلة للعلم أو للحج قد دعمت هذا الأخذ ، مثل أخذ عبد الجليل بن ويحلان دفين أغمات عن أبي الفضل الجوهري بمصر ، وعبد الجليل هذا من رؤوس سلسلة كبار الشيوخ ، فهو شيخ عبد الله بن واكريس الدكالي وقد تتلمذ على يد هذا الأخير عدد كبير من الفقهاء والمتصوفين منهم أبو شعيب أيوب بن سعيد السارية الصنهاجي دفين مدينة آزمور الذي نال من معارفه الشيء الكثير وقد كان هو الآخر شيخ أبي يعزى … ، وكان أبو ينور فقيها فاضلا ، حيث كانت له بركة تشع على دكالة وتقيها كل الكوارث كما يقال وحدثوا أنه لما مات أخوه ، تزوج هو بامرأته فقدمت له طعاما يأكله فوقع في نفسه أن فيه نصيب أولاد أخيه فأمسك عنه وبات طاويا ، ورووا عنه أيضا انه جاءه رجل من أشياخ مشترائي فقال له : ” ألا أن عامل علي بن يوسف تهددني بالقتل والصلب ، وقد خرج من مراكش متوجها إلى دكالة “. فقال أبو ينور : ” رده الله عنك ” فسار إلى أن بقي بينه وبين أبي ايسكاون وهي كما تسميها العامية ( بوسكاون – نصف يوم ) فأصاب العامل وجع قضى عليه من حينه .
ولما توفي سيدي بنور حوالي سنة 559 هجرية دفن بسوق الثلاثاء المسمى اليوم باسم السوق القديم وبنيت عليه قبة من طرف السلطان سيدي محمد بن عبد الله وأدخلت عليها تحسينات من طرف القائد السي رحال بن يرو الذي كان يحكم قبيلة أولاد جابر في عهد مولاي الحسن الأول ، ومن طرف السي أحمد السايسي من أعيان فخدة أولاد مسلم ، كما أولت السلطات المحلية التي تعاقبت على مركز سيدي بنور اهتماما بالغا لهذا الضريح حيث أدخلت عليه كل التحسينات التقنية اللازمة آخرها أجريت سنة 1980/ 1981 م .
على جنبات ضريح الولي الصالح سيدي أبي النور تمتد مقبرة لدفن أموات المسلمين على مساحة تقدر ب 14515 متر مربع وقد تم انشاؤها مع المركز حيث كانت بقرية أبي اسكاون مقبرة عتيقة استغني عنها ، وعلى بعد كيلومترين تقريبا من الضريح توجد قبة سيدي أبي سكاون التي بنيت على قبر الفقيه ابو حفص عمر بن علي الدغوغي احد رجالات العلم والزهد والصلاح بالمنطقة ، حيث نزح إليها من مدينة مشتراي أو ( مشنزاية ) في منتصف القرن السادس الهجري واستوطن القرية حيث تعلق الناس به فأحبوه وأكرموه وبقي بها إلى أن توفي حيث دفن ، وتعتبر ” القرية ” النواة الأولى لمركز سيدي بنور حيث بدأت تتكون فيما بعد مدينة على الطراز العصري بجانب هذه القرية الدينية التقليدية .
المصدر : https://www.doukkala24.com/?p=12144