دكالة 24:
استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.
خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى وأعلام المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.
—— إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 28
رغم صعوبة التأكد من أسماء شيوخ مولاي عبد الله , فالذي لاشك فيه هو المكانة الروحية التي اكتسبتها عين الفطر في عهد وليها مولاي عبد الله إلى حد اقترنت باسمه ورست في طي النسيان باسمها البربري الأصل “تيط”إلى جانب كونها كانت معقلا للجهاد و الدفاع عن أراضي الإسلام , و خصوصا في النصف الأخير من القرن الثاني عشر الميلادي بعد اشتداد اعتداءات النورمانديين على السواحل المغربية , وطردهم آخر أمير زيري من المهدية, و لعل هذا هو السبب الذي دفع بمولاي عبد الله إلى تحصين رباطه و تشجيع حركة العمران به , و أقام له ثلاث أبواب لازال منها قائما على أصله باب مراكش القبلي .
لا يعرف بالضبط تاريخ وفات مولاي عبد الله أمغار , و لا يستبعد أنه توفي في أواخر القرن السادس عشر الهجري , و دفن بمدينة مولاي عبد الله بجوار أمه حواء و زوجته حواء حسب ما جاء على لسان حفدته وعن ذريته يقول “صاحب آسفي و ما إليه” كان له سبعة أولاد تسنموا مراتب العلم و العمل و اتصفوا بالولاية و العرفان تناسل من ذريتهم مالا يحصى من العلماء و المرشدين ظلوا حاملين راية العلم و الهداية …ص16 .
و قد أثبت هذا القول حفدة مولاي عبد الله , و إمام مسجده , و ذكر من أبنائه سيدي الخبار المدفون بجوار جده أبي جعفر و أبي يعقوب الذي بنا سنة 1228 ميلادية زاوية خارج أصوار الرباط بالقرب من الساحل و دفن بها (مولاي يعقوب حاليا) و دفن بها كذلك مولاي أحمد الشريف و مولاي إدريس الذي يسمى أيضا ” سيدي مول اسوارت “و ظلت مدينة مولاي عبد الله مركز إشعاع علمي و حضاري حتى بداية القرن السادس عشر الميلادي حيث خربها السلطان الو طاسي محمد البرتغالي , و نقل سكانها إلى ضواحي مدينة فاس.
لقد كان لهذا الحدث اثر كبير في نفوس السكان جسدته المرثية التي نظمها شاعر الملحون أبي عمرية البوفي الغربي الدكالي , أورد فيها ما كان بالمدينة من وفرة العمران و آثار الحضارة و العلوم و الصنائع (ص 46عن آسفي وما إليه). و قد تفضل احد فقهاء ضريح مولاي عبد الله بإمدادنا ببعض ما جاء فيها:
وين المدينة اللي اخلات و الصور لمزين بالحزاطي و البيبان
و البروج العاليين بالمدافع و المهارز من جاها تلقاه
وين فحولا و ادروبا وافنادق تحصن الحيوان يهنا فيها العيان
وين الجارين وين السرار صنايعو تعجب من جاه .
لقد حظيت ذرية مولاي عبد الله باستمرار بإجلال وتقدير من طرف سلاطين المغرب الذين كانوا يثبتون شرعية نسبهم بظهائر سلطانية شريفة وقد تمكنا من الحصول على إحداها والصادر ب 23 ربيع النبوي 1349 ه بإمضاء من السلطان سيدي محمد بن يوسف طيب الله تراه .
” يعلم من كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره وأطلع في سماء المعالي شمسه المنيرة إننا بحول الله وقوته وشامل يمنه و منته جددنا ماسكه حفدة الولي الصالح والبدر اللائح مولاي عبد الله أمغار دفين رباط عين الفطر ساحل دكالة الشهير بالخيرات والبركات ، وهم أولاد السيد عبد العزيز بن محمد وأولاد السيد محمد بن الطاهر وأولاد السيد احمد بن محمد وأولاد السيد محمد بن عبد الله وأولاد السيد احمد بن جيلا لي وأولاد احدهم المعروف بوهنيد وأولاد السيد محمد بن الخليفة ، على ما تضمنته ظهائر أسلافنا الكرام قدس الله أرواحهم في دار السلام ومن يبدل أرضية التوقير عليهم والاحترام وحملهم على كامل البرور والإكرام ومراعاة رفع نسبتهم عن جملة العوام وأقررناهم على فتوحات ضريح جدهم الولي المذكور لثبوت اختصاصهم وحدهم بها هذه مدة من سبعين سنة تجديدا وإقرارا ، تأمين وناصر الواقف عليهم من العمال وسائر ولاة الأعمال بإجرائهم على مقتضاه وبالوقوف على ما أبرمه و أمضاه ” والسلام .
المصدر : https://www.doukkala24.com/?p=12107