دكالة 24:
استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.
خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى وأعلام المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.
—- إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 25
الشيخ محمد الرافعي:
هو محمد بن العلامة الأستاذ السيد أحمد بن عبد الله الفاضل الرافعي الدكالي ، نسبة إلى أولاد رافع بسيدي بنور ولد بمدينة آزمور سنة 1306 هجرية حسب القاضي سكيرج بينما أرجعها القاضي السايح إلى سنة 1303 هجرية .
توفي والده بآزمور وهو طفل صغير ، فكفله جده الشيخ الحسن بن الفاطمي الأزموري أحد أئمة مساجد آزمور ومن الذين اشتهروا بحفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر ، وعلى يده بدأ الشيخ محمد بن أحمد الرافعي الأزموري ثم الجديدي دراسته الأولى .
كان عالما كبيرا واسع الاطلاع لاسيما في الكتاب والسنة ، وعلوم الأوائل والتصوف والمذاهب اعتمد في تكوينه الثقافي على المطالعة الشخصية والاجتهاد الفردي حيث لم يذكر من شيوخه إلا أبا النعائم الحاج أبا شعيب الأزموري وما ساعده على ذلك قوة فكره وذاكرته وراحة ضميره حيث عاش عازبا كما امتنع على استلام عدة مناصب مفضلا التفرغ للعلم والتحصيل .
وقد انطبعت معلوماته بطابع فلسفي لتعمقه في دراسة مختلف الآراء والمذاهب الفلسفية فلا يرى إلا بعين النقد والتحليل والتعليل وجاء أسلوبه في النقد غزير الحجج والبراهين غنيا بالأمثال وخاليا من الحشو والركاكة وان دل هذا على شيء فإنما يدل على اطلاعه الواسع وتعمقه في بحور العلم وأقل ما يدل على ذلك ما جاء في الكلمة التي ألقيت بمناسبة الاحتفال بذكراه بمدينة الجديدة ” … لقد رأيت كل أجزاء ابن خلدون وكل صفحة من ديوان العبر مذيلة بالتعاليق التي كان يضعها الرافعي أثناء مطالعته لهذا الكتاب فتيقنت أن للرجل يدا طولى في فن التاريخ ، ورأيت قبل ذلك ( وفيات الأعيان ) تتزاحم جوانب صفحاته بخط ردئ كان هو خط الرافعي ثم رأيته هو نفسه فسمعته يذكر ما في ( الأغاني ) … فعلمت أنه أديب وأخيرا ظهر كتاب ” قصة الفلسفة اليونانية ” فكان يستدرك على أحمد أمين ونجيب محمود أشياء من صميم الفلسفة الإغريقية… ( مجلة الثقافة العربية العدد الثالث أكتوبر 1941 م ).
يظهر ادن أن الرافعي كان مؤرخا وفيلسوفا وأديبا ورجل فقه وشريعة الشيء الذي جعل كتاباته مشتبكة ومعقدة لا يتمكن من حلها إلا من باشرها طويلا ولعل هذه إحدى الأسباب التي أدت إلى ضياع آثاره العلمية والتي لم يعرف منها إلا بعض الرسائل التي كان يوجهها إلى بعض العلماء في شكل أسئلة ، وقد كانت غالبا لا تحظى بجواب لما كانت تنطوي عليه من غموض وتعنت وإعجاز ، منها ما بعث به إلى أبي العباس أحمد المواز في شأن كتابه ” حجة المنذرين ” وقد أجاب عنها أبي المواز برسالة تحت عنوان ” دفع الوسواس عن مخالجة الأنفاس” هناك أيضا الرسائل التي وجهها إلى الشيخ الكبير أبي شعيب الدكالي في شكل ستة أسئلة في الأصول والفقه والحديث وقد أجاب عنها الشيخ من علمه الغزير وفي 1340 – 1341 ه
المصدر : https://www.doukkala24.com/?p=12038