في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الرابعة عشر

doukkala24
تقافة و فنون
27 أبريل 2021آخر تحديث : منذ 4 سنوات
في رحاب تاريخ بلاد دكالة الحلقة الرابعة عشر

دكالة 24:

استطاع البرتغال في شبه رد فعل له عن الفتوحات الإسلامية ، أن يقوم بحملات مستمرة قصد احتلال بعض شواطئ المغرب ومدنه الساحلية ومن أبرزها منطقة دكالة ، مستغلا في ذلك الأوضاع المنهارة التي كان يجتازها المغرب آنذاك ، غير أن صلابة وقوة أبناء المنطقة وشجاعة قبائلها وأعلامها من رجال التصوف والتربية الروحية … ودور الزوايا في التحريض على مواجهة المستعمر اضطر البرتغاليون إلى مغادرة المنطقة.

خلال هذه السلسلة سنفتح نافذة على أهم المراحل التي مرت بها منطقة دكالة وخاصة إبان الاحتلال البرتغالي وكيفية التصدي له من طرف القبائل والمدن والقرى  وأعلام  المنطقة … حتى إجلائه عنها مستعينين في ذلك بالعديد من المراجع والمصادر.                              —– إعداد: أحمد مسيلي —– الحلقة 14

حصن البرتغاليون الساحة الجديدة ” ماز كاو” بأربع مواقع إستراتيجية منها : حصن الملائكة وهو مجهز بستة مدافع مطلة على المحيط الأطلسي وتحت هذا الحصن يوجد مخزن للبارود .

حصن سان سيباستيان وهو يطل كذلك على البحر وتقع به محكمة للتفتيش .

حصن سان اسبري وهو حصن يشرف على الحقول المجاورة ومجهزة بستة مدافع .

حصن سان انطوان وهو حصن مقابل للبر مجهز كذلك بستة مدافع بينما بأسفله يوجد المستشفى وكنيسة الرحمة .

وسرعان ما ربطت هذه الحصون بسور منيع متراص البنيان عرضه السفلي 12.40 متر وعرضه العلوي 7.32 متر ويقدر محيطه 2.875 متر وجعل البرتغاليون مركز هذا السور الحصن الأول المسمى بحصن العامل ثم أحاطوا بالسور خندقا عمقه 2,80 متر يغمر ماء البحر مما يجعله أكثر مناعة و لدخول المدينة أو القلعة جعلوا لها ثلاثة أبواب , البابان الرئيسيان لكل منهما قنطرة مرتفعة فوق الخندق تخفض وترفع عند الحاجة أما باب البحر وهو يواجه المحيط الأطلنطي يغلق بمشط محرب وشيد ميناء صغير محصن يمكن الوصول إليه عند جزر البحر في ممر حفر في الصخر وهناك باب الثيران الذي كان يستعمل لمرور الماشية . ورغم هذه التحصينات فان البرتغاليين لم ينعموا أبدا بالراحة في هذه القلعة التي أطلقوا عليها اسم ” مازكاو ” أو كما حرفه الفرنسيون ” مازكان ” فيما بعد , رغم هذه التحصينات فقد نظمت القبائل غارات متتالية على القلعة , وحوصرت سنة 1562 من طرف السلطان السعدي ” الغالب بالله ” غير أن غارات المسلمين هذه لم تنجح في استعادة هذه القلعة ، بينما طرد البرتغاليون من أكادير وآسفي وآزمور مما جعل العديد منهم يلتجئ إلى مازكان .

” مازكان “ لهذه التسمية عدة تفسيرات فالمؤرخ الفرنسي كولفن  goulven  يجعلها لفظة عربية مركبة من ” ما ”  MA أي الماء و GRON   تحريف ل ” سخون ” واللفظة الكاملة تعني ” الماء الساخن ” وهو تفسير يوجد ما يبرره، وهناك تفسير آخر يرد أصل  الكلمة إلى لفظ مركب هو ” ما ” و ” زاكا ” أي التابث ، وتعني اللفظة المركبة ” الماء الغير الجاري ” نظرا لأن الموقع لا يتوفر على مياه غير مياه الآبار وهذا يذكرنا بما ورد عند أبي القاسم الزياني في الترجمانة الكبرى  من أن أرض دكالة عامة ليس بها أنهار ولا عيون إلا الآبار العذبة ، كما يذكر ذلك العلامة القسطنطيني في كتابه ” انس الفقير ” أن دكالة ليس فيها نهر ولا عيون إلا آبار طيبة                                                            ويفسر محمد شفيق اللفظة على أنها من أصل مصمودي ، وهو ” م أزركان ط والميم هنا ساكنة ومضعفة ، وتعني ” ذات ” أو ” ذو ” ” وازرك ” تعني الرحي والجمع يعني ” أزركان ” وبالصنهاجية ” أزريان ” فيكون اللفظ مركبا ” مازركان ” يعني ” ذات الرحي ” والظاهر أن البرتغاليين حرفوا التسمية إلى مازكاو بينما حرفها الفرنسيون بعدهم إلى مازكان ولهذا التفسير ما يبرره نظرا لوجود مقلع للحجارة لصنع الرحي بالقرب من الجديدة .

و ” مازاكان” كانت عبارة عن قصبة صغيرة برتغالية تم إحداثها سنة 1514 م وقد وضع التصميم الأول لهذه القصبة من طرف الأخوين ” فوانسيسكو ودييكو دوارودا” وهما مهندسان يتمتعان بشهرة كبيرة نظرا لإنجازاتهما سواء في البرتغال أو في المدن المغربية المحتلة وفي سنة 1541 م  تم توسيع ” مازاكان” من طرف البرتغال خصوصا بعد انسحابهم من أكادير وآسفي وأزمور. كما تم وضع تصميم نهائي لها من طرف مهندس إيطالي يعمل لحساب البرتغال معروف بنمط معماري خاص به استعمله في دول أخرى كما هو الشأن في مازاكان وقد عرفت هذه الأخيرة نموا حضاريا  مهما مع توسيعها ، وهكذا تم بناء عدة منازل وبنايات مدنية وعسكرية خصوصا بين سنتي 1541 م و 1548م  عمر البرتغاليون مدة 267 سنة تقريبا تخللتها حروب وفترات هدنة وعدة علاقات حضارية مع المغاربة، حتى مجيء السلطان سيدي محمد بن عبد الله (1790-1757) حيث حاصر مازاكان مدة شهرين اضطر معها البرتغال إلى الإنسحاب من المدينة.

وبالرغم من محاولة إضفاء طابع إسلامي على المدينة وذلك من خلال بناء المسجد إلا أنها حافظت على بعض مميزات الماضي البرتغالي بما في ذلك أماكن العبادة والصلاة.

مدينة تيط ، وتقع على بعد 11 كلم إلى الجنوب الغربي من مدينة الجديدة قرب البحر تمتد بقايا سور كبير لا تظهر من جدرانه إلا ركاما من التراب ، لكن البنايات الكبرى لا تزال قائمة الأبواب والأبراج ، وفي الوسط تقوم صومعة تدل على موقع المسجد الذي اختفى , وقريبا من البحر تطل صومعة أخرى على زاوية مولاي عبد الله ، والمدينة اليوم هي عبارة عن قرية تسكنها عائلات تعيش على الفلاحة والتجارة والصيد البحري ، إذ أن معظم بنيانها قد تخرب ، ومعلوماتنا عنها تكاد تكون قليلة ، فادا كنا نعلم الكثير عن تخريبها وعن الظروف التي أطاحت به ( رغم أننا نستقي هذه المعلومات غالبا من مصادر مسيحية ) فان أصل هذه المدينة ومنشآتها يحيط  بهما الكثير من الغموض ، فالحسن الوزان في وصفه لإفريقيا ، وعند تطرقه إلى منطقة دكالة يذكر أن تيط مدينة قديمة بناها الأفارقة على المحيط ، أما عبد العظيم الأزموري فيعطينا بعض المعلومات عن تأسيس تيط والمراحل الأولى من تاريخها ، وان كانت تفتقد الدقة ، يذكر الحسن الوزان أن عمارتها بدأت قبل الإسلام وقد نزل بها شرفاء بني أمغار من الأدارسة ، ومرجع ابن عبد العظيم الأزموري يمدنا بمعلومات عن أصل عائلة الأمغاريين حيث يقول أن رجلا من المدينة المنورة اسمه إسماعيل أمغار ، تماثلت له رؤيا في نومه تأمره بالرحيل إلى المغرب لينفع السكان ببركاته ، فاصطحب معه أخوين له إلى حيث قادهم نور سماوي إلى المنطقة ” تيط “…

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

error: Content is protected !!